الاثنين، 19 يوليو 2010

هل كان رامي شمالي رجل مخابرات؟

حسام مصطفى إبراهيم :



لماذا أصبحت "الشوفونية" -التعصب الأعمى- هي السمة الغالبة على معظم نقاشاتنا وحواراتنا هذه الأيام، وكأنها أصبحت هدفا في حد ذاتها!

خذ عندك مثلا موضوع رحيل نجم ستار أكاديمي الشاب رامي شمالي، وكمّ الجدل الذي أثاره، وكمّ الخلافات التي تسبب فيها، لتتأكد أن الأمر قد تجاوز كونه حوارا عاديا حول واقعة ليست نادرة الحدوث إطلاقا، وتحوّل لأداة في غاية الدقة والرهافة للكشف عن النفسيات والثقافات والتوجهات العقلية لمن تناولوا الحدث بالتعليق!

فقد تعامل الجانب المصري مع الواقعة، كما يتعامل مع غيرها، وبدأ التحقيق في ملابسات الحادث الذي أودى بحياة شمالي ورجل وزوجته كانا في السيارة التي اصطدمت بها سيارة شمالي وشكري، بسبب السرعة الزائدة، وافترض أن فقدان التحكم في عجلة القيادة لابد يرجع إلى أسباب، ربما يكون منها تناول السائق لبعض المُسكرات أو المخدرات، وهو افتراض طبيعي ومنطقي، ولابد من وضعه في الاعتبار، وإلا لماذا فقد شمالي القدرة على التحكم في عجلة القيادة في الساعة الثالثة والنصف فجرا والطريق خال؟!

وبعد الافتراض، تأتي مرحلة البحث والتدقيق، والتي انتهت إلى عدم صحة هذا الافتراض، والاعتقاد بأن فقدان التحكم كان بسبب شيء آخر، ربما كان السرعة، أو عدم الانتباه للطريق، أو غيره!

فهل ارتكبت الشرطة المصرية إثماً؟!

وهل يُعد ما حدث انتهاكا لحرمة الموت مثلا أو تقليلا من قيمة رامي شمالي أو غيره؟!

كلا بالطبع، ولو وقع الحادث في أي مكان في العالم، لما اختلف التعامل معه عما حدث أبدًا، بل ربما كانت هناك إجراءات أكثر صرامة تم اتخاذها، مثل احتجاز جثة رامي شمالي في القاهرة، وتشريحها للوقوف على أسباب الوفاة، ولكن الرحمة غلبت القانون، واحترام مشاعر معجبي شمالي وأهله، غلب الواجب، وتم السماح بسفر جثة شمالي لتلقى ما تستحق من تكريم وتدفن بمدافن الأسرة؟!

فهل -مرة ثانية- أجرمت الشرطة المصرية؟!

نأتي للنقطة الثانية، الأكثر إثارة للجدل، وهي الشائعات التي يرددها بعض اللبنانيين، ويصرّون عليها، في المنتديات ومواقع الإنترنت والحوارات، وهي أن شمالي لم يكن هو قائد السيارة وإنما شكري، مستندين لعدم تشوه وجه رامي ـ من ناحية- ولحصول شمالي على الرخصة من وقت قصير، وعدم إمكانية قيادته لسيارة في القاهرة المزدحمة التي لا يعرف طرقها، بل إن شائعة أخرى خرجت تقول إن شخصا ثالثا كان مع شمالي وشكري في السيارة، ولكن جهات أمنية عليا قامت بالتعتيم عليه!!

وطبعا فإن هذه الشائعات وجدت التربة الخصبة التي تنمو فيها، وتزدهر وتتوالد، لأننا -كعرب- مولعون بشكل فطري بنظرية المؤامرة، ولطول ما تم حجب المعلومات عنا في أبسط القضايا وأهون شئون الحياة، فقد أصبح لدينا هاجس مقيم أن ما يتم الإعلان عنه دائما، لا يمثل أكثر من نصف الحقيقية!

ولكن..

في ظني، أن رامي شمالي -رحمه الله- لم يكن رجل مخابرات، أو زعيما سياسيا يقود بلاده للتحرر من قوى الإمبريالية العالمية، كما لم يكن من أعداء السامية، فيكون ذلك مبررا لكي تدبر له الجهات الأمنية المصرية عملية اغتيال، تبدو كحادث! وإنما كان إنسانا بسيطا -بصرف النظر عن شهرته- وقد لبى نداء ربه، في الموعد والزمن الذي قدّره ربه له، دون زيادة أو نقصان، ولم تعد تجوز عليه إلا الرحمة والدعاء بالمغفرة!

فلماذا كل هذا الجدل، وكل هذه اللكاكة ولماذا اختلاق الصراع، وفرقعة التصريحات، والقيل والقال، ومحاولة إظهار الأمر وكأنه رد على "شهيد" كتر مايا الذي ذبحه "بعض" اللبنانيين بالظن والريبة ودون دليل، حتى برأته الشرطة اللبنانية في النهاية، دون أن يعيد ذلك إليه حياته، أو يسري عن أهله المفجوعين فيه؟!!

بمعنى آخر: شمالي رحمه الله لم يُقتل، ولم تكن هناك مؤامرة لاغتياله، وما حدث قضاء الله الذي لا يرد، ومات معه آخرون، لا ذنب لهم ولا جريرة، فلندع للجميع بالرحمة والمغفرة إذن، وللأهل بالصبر والسلوان، ولا نثقل تركتنا العربية بمزيد من الخلافات والمشاحنات والشائعات، لأن لدينا ما هو أهم بكثير من الخلاف.

فما بين مصر ولبنان، تاريخ كبير، لا يمكن اختزاله في كلمات، أو ادعاء عدم وجوده، أو تصوّر أنه يمكن أن ينتهي بين ليلة وضحاها، كما تخطط الدول المعادية لنا، والتي تستفيد -أشد الاستفادة- مما يحدث، أكثر مما يمكن لأي منا أن يتخيل أو يتصور!!

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

يامن كتب هذا لك كل التحية ،، لا تجوز على الميت الا الرحمة .. وما حدث ويحدث هو شئيا للاسف تاسف عليه .. اليس الذي مات شاباً عاديا .. واليس اللذين ماتوا في السيارة الاخرى اناسا عاديين فلماذا الاهتمم بهذا وترك ذلك .. هناك من يموت بابشع صورة وهناك من يقتل وليس قضاً وقدرا .. لوكن لم نلقى لهم بالا ولا حتى اهتمامنا بهم .. في فلسطين شباب يسقط كل يوم ... فما الفرق بين هذا وذاك .. للاسف حال شبابنا العربي ياسف عليه ..

لك مني كل التحية ... وبرنا يهدي الجميع