الثلاثاء، 13 يوليو 2010

الكابوس الذي تنبأ بموته في حادث سير صار حقيقة رامي الشمالي غنى «لحنه الأخير» في مأتم أبكى «أكاديمية النجوم» دموع الحزن

|بيروت - من ريتا عقيقي|

لم تتعوّد «اكاديمية النجوم» ان تذرف «دموع الوداع»، وهي التي غالباً ما ضربت مواعيد مع «دموع الفرح» بإنجازات نجومها الواعدين او «احلامهم الموعودة».
امس، بكت اسوار الاكاديمية، واهلها وطلابها، ابنها رامي الشمالي الذي شيّعه لبنان ومسقطه السهيلة (كسروان) في مأتم مهيب كان هو نجمه حتى في السماء.
في نعش ابيض اللون، «مختوم» بصورته، جال رامي ابن الـ 23 عاماً، محمولاً على الأكف بين نجوم «ستار اكاديمي 7» المفجوعين وأصدقائه وعائلته وابناء منطقته الذين زفوه «عريساً»، وهو في طريقه من مستشفى «السان جورج» في عجلتون الى منزله «المصدوم» ومنه الى كنيسة مار عبدا في السهيلة حيث اقيمت الجنازة.
نحو 48 ساعة لم تكن كافية لاستيعاب «الفاجعة» التي أطلّت برأسها مع نبأ وفاة رامي بحادث السير المروّع في مصر حيث كان برفقة زميله محمود شكري الذي اصيب بجروح بالغة.
عيون تبكي ابناً بكراً في عائلة مؤلفة من ثلاثة اشقاء وام ووالد توفي قبل اعوام حزم اعوامه «القليلة» باكراً ورحل. أسئلة «دامعة» عن القدَر الذي رمى رامي في «شباك» الموت الذي كان راوده كابوساً بانه سيقضي بحادث سير، و«حلّ» عليه خلال وجوده في الاكاديمية، فاذا بالكابوس يصبح حقيقة مُرة.
علامات استفهام غصّت بها الحناجر التي «خنقها» الحزن على شاب لم يكن يدري حين خرج من «ستار اكاديمي» في الحلقة ما قبل الأخيرة ان الأضواء ستطارده حتى «عتمة الموت» وان السماء ستفتح له ذراعيها بسرعة القدَر الأسود الذي ركب سيارة.
قلوب لا تصدّق ان الشاب الحائز على إجازة جامعية في العلوم الزراعية والغذائية والذي كان رحيل والده «غصة» سكنت قلبه الحزين، لاقى ابيه «الذي في السماء» و«المكتوب» الذي كان قرأه امام الملايين خلال حصة تدريسية مع الاستاذ ميشال جبر حين روى «بالصوت والصورة»: «اخاف من المستقبل، ومن ان يأخذني طموحي الى عكس ما أريده».
منذ ساعات الصباح الاولى، غصّت السهيلة التي ارتدت ثوبها الأسود بالأقارب والأصدقاء الذين عايشوا النجم الراحل وسط ذهول وسكوت لم تعرفه المنطقة من قبل.
«سهيلة دامعة اليوم بعد أن كانت فخورة بك يا رامي». بهذه الكلمات عبّرت البلدة عن المصاب الأليم الذي حلّ على إحدى أبرز عائلاتها. فهذه القرية الصغيرة في محافظة جبل لبنان عاشت مع «نجمها» مسيرته الفنية لحظة بلحظة.
وبعد أن رفعت صوره حين كان في «أكاديمية النجوم» مزيّنة إياها بعبارات «صوّتوا لرامي»، ها هي صور الشاب الراحل وأعلامه البيض ترتفع بخجل من جديد ولكن هذه المرّة بعبارات المواساة والوعد «ستبقى في قلوبنا».
ولم تغب الأشرطة البيضاء عن الساحات التي بدت في هذا اليوم باكية على من حمل حلمها في الشهرة وأوصل جمال طبيعتها بنقاوة صوته الحنون. أما البلدات المجاورة مثل بلونة وجعيتا وجعلتون فلم تبدُ أقلّ وجوماً وهي التي عرفت بداية رامي الشاب الطموح، وانتظرت حلول فصل الصيف ليحيي حفلات في مهرجانتها حيث كان من المقرّر أن تكون له حفلات عديدة يعود ريعها لاستنهاض البلدة وكنائسها.
وعند الثانية والنصف من عصر العاشر من يوليو وصلت فرقة النوبة من موسيقى جعيتا إلى كنيسة مار عبدا، حيث وضع جثمان فقيدها الغالي الذي كان غادرها منذ أيام قليلة في زيارة «خاطفة»، وهي الأولى له الى خارج لبنان، قام بها تلبية لدعوة من صديقه في الأكاديمية محمود شكري.
شبان مفجوعون «رقصوا بالنعش» الابيض والمغطى بالعلم اللبناني الذي حمل رامي اسمه عالياً. وما هي إلا دقائق حتى خرجت والدته وأصدقاؤه من «ستار أكاديمي»: ناصيف زيتون، زينة، رحمة، محمد رمضان، ريان وغيرهم وبدأت أبيات الزجل تُلقى على مسامعه.
داخل الكنيسة وأمام «العريس» في البذة السوداء تحلّق آخرون بمن فيهم شقيقه ناجي، البالغ من العمر 20 عاماً متأملاً أخوه النائم في مهده الأخير بلا حراك. تشوّهات طفيفة لطّخت جمال وجهه الطفولي.
وفيما رقصت النسوة حاملات صورته التي وزّعت على الجميع راحت إحدى القريبات تغني له «أسمر الشامة» الأغنية المحبّبة إلى قلبه.
وقال شقيق رامي، ناجي الشمالي: «كنت عائداً من العمل، يتصل بي شقيقي الصغير للذهاب الى المنزل... فاطلعت على الخبر الذي تبلغتّه أمي بداية من والد محمود شكري. رامي كان يريد زيارته في مصر... لست أدري ماذا جرى».
من جهته خال رامي الشمالي يقول: «ودعنا قائلاً يريد الذهاب الى رفيقه المصري محمود شكري، أتمنى التوفيق بالتعرّف ببعض الفنانين». يضيف ابن عم رامي ايلي الشمالي «حلم رامي أن يكون لكلّ اللبنانيين، وهو بالفعل لكلّ اللبنانيين، لكن أريد نقل رسالة قد يكون رامي يريد ارسالها على أيّ شاب يريد ركوب سيارة أن ينظر بزجاج السيارة صورة والدته».
الكلّ في البلدة يعرف رامي قبل مشاركته في برنامج «ستار أكاديمي». فهو من الشباب الذين عملوا في خدمة قريتهم وكان في جوقة الكنيسة.
ويقول إدواردو غزال الذي عرف رامي أيام المدرسة انه كان مثال الشاب المجتهد والكفوء. وعلى مقاعد «السان سوفور» في سهيلة كبر وتعلّم وسط حبّ الجميع وتقديرهم. ويروي غزال أنه رأى رامي قبل ساعات من «رحلته الأخيرة» حيث كان برفقة شاب صديقه من عائلة رعد ورجل دين من القرية. والتقى غزال بهم بالصدفة وعلم من رامي أنهم كانوا عند أحد الملحنين من عائلة صفير يتناقشون حول لحن جديد كان ينوي رامي مفاجأة الجميع به. كما أنه أخبره عن رحلته إلى مصر حيث كان من المقرّر أن يلتقي بشركات إنتاج مصرية للتداول معهم في أعمال جديدة.
غزال الذي عرف رامي وهو عامل في أحد السوبر ماركات في بلدة بلونة بكى على غياب صديق كان يحمل مسؤولية عائلته وأشقائه ناجي وشادي (14 عاماً) بعد وفاة والدهم وهم صغار. وأضاف: «شادي مازال تحت تأثير الصدمة وكأنه ينتظر عودة شقيقه سالماً إليهم وهو يتصرّف وكأن شيئاً لم يكن».
أما روي واكد وشنتال شلهوب، صديقا رامي في جوقة الكنيسة، فيرويان بدورهما كيف كان يصل إلى التمارين دون تأخير وكيف كان يتحدّث لهم عن حلمه بالانضمام إلى أسرة «ستار أكاديمي» منذ انطلاق موسمها الاول.
وتقول شلهوب التي لم تكف عن البكاء أنها تشكر الرب كيف أنها زارته في منزله قبل مغادرته إلى مصر والتقطت صورة لهما معا. وتتحسّر على الشاب الملتزم والمؤمن الذي لم يغادر الكنيسة يوماً.
وكان زملاء رامي في «ستار اكاديمي» وصلوا الى بيروت بعيد وصول نعشه اول من امس وتحديداً باسل خوري ومحمد رمضان وتوجهوا فوراً الى منزل «رامي» للتعزية. وكانت «رحمة احمد» توجهت الى المنزل منذ اللحظات الاولى من اعلان الخبر. وقد بكت «رحمة» كثيراً وصرخت «اين رحل؟» كما ابكت الحضور عندما صرخت ان «رامي» لم يمت، «ارجوكم قولوا لي بأنها مزحة».
http://www.alraimedia.com/Alrai/Resources/ArticlesPictures/2010/07/11/01.38.01.jpg
رامي الشمالي مسجى في نعشه ويحيط به رفاقه في الأكاديمية

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الله يرحمك ويغمد روحك الجنه وكنترول مفروض ماتورون وجه لا رمى الانه حرم هيك انتم بتوجعون اكتر والله يرحمك
والله يصبر امك على فرقك