سيدى.. هى لا تفهمنى.
بعد 10 سنوات أنا أفهمها.. لكنها لا تفهمنى.
هى.. تعرف احتياجاتها ولكنها لا تعرف احتياجاتى.
هى.. تحترم ألمها.. لكنها لا تحترم ألمى.
كلما قلت لها: أنا تعبان، ترد قائلة: وأنا أتعب منك.
كلما حدثتها عن مشكلتى، حدثنتى عن مشكلتها.
وكأن دورى الوحيد فى الحياة هو أن أعطى.. فقط.
أحيانا نعطى.. ونعطى، ونعطى، بانتظار لحظة ندخرها حينما نحتاج.
أعطيتها.. طوال فترة قدرتى على العطاء، وحينما شعرت بأننى بحاجة إلى أول شربة ماء تنقذنى من عطش العمر، وجدت أنها تريد منى أن أكون بئرا لها.
أنا لا أتبرم من العطاء.. ولكنى أشكو من الضعف.
أنا لا أتنصل من دورى كرجل، ولكننى فى لحظة أشعر بأننى بحاجة إلى أن أعامل معاملة الأطفال.
سيدى لا تضحك بسخرية حينما أقول لك إننى بحاجة إلى أن أعامل معامملة الأطفال.
كل رجل مهما كبر سنا ومقاما وخبرة وتجربة، بداخله طفل صغير، الطفل الذى بداخلنا يريد الحنان وطول البال ورحابة الصدر وذكاء العشرة وحكمة العقل ودلع القلب.
الطفل الذى بداخلنا بحاجة إلى لعبة جديدة، حينما تنكسر لعبته القديمة بحاجة إلى يد حانية تربت على جراحه، بحاجة إلى ابتسامة صافية تمسح عنه نزيف دموعه.
أريدها أن تفهمنى، أريدها أن تفهم حاجتى إلى الرعاية المركزة.
أحيانا نكون بحاجة إلى مصل يقينا من فيروس دورة الاكتئاب اللانهائى التى تكاد تفتك بنا وتجعل رؤيانا لكل شيء عديمة وعبثية، أحيانا نحتاج رحمة من البشر تعيد إلينا التماسك النفسى وتشعرنا بأن هناك أملاً فى الجنس البشرى.
مشكلتى يا سيدى أننى غير قادر على تلبية كل مشاعرها، وحل كل مشاكلها، والتعامل مع كل هواجسها.
فى لحظة ما تصبح حياتنا صعبة للغاية، ويصبح مشروع البقاء حيا عبصا بشريا فى حد ذاته.
سيدى هل شعرت - طوال حياتك - أن مجرد التنفس هو عمل مجهد للغاية؟
إذا - لا قدر الله - شعرت بذلك ساعتهها فقط، سوف تفهمنى.
لحظة ميلاد:
الأزمة: توقيت ساعة مشاعرك متأخر عن ساعتى.